mercredi 9 juillet 2008

الم.......لا ينتهي

كَعادَة اليَوميّة يَستيّقظُ مَع لونِ الفَجرِ الرَمادي الباهتْ الملامِح

والبؤس يَلبس وَجهه

بِخطواتٍ مُنهكة

يَتجه بإتجاهِ الحنفية

التي يعلوها مِرآة أكلا وجهها الزمن

شكلتْ نِص هِلال

يُحملق فِي وجههِ طَويّلاً

فَيَراهُ على غيرِ عادَته

عَلامةِ اِستفهام تَدور في رأسه

فِي مُنتَصف التفكير

يُفاجأ بِصوتِ أُمه

وهوَ يهتزّ في أركانِ جسده

لمْ يَتبقى لهُ في هذا العالم إلا هذا الصوت الحَنون

الذي يغسل أيامه

ترتَقي وجهه اِبتِسامة شحذها مِنْ طفولته

يَمضى بِجسمهِ الهَزيل

وبِخُطاه المُبَعثَرة

نَحو أُمه

يُقبل رأسها فِي اِنحِناء

بَعدها اِمتَدَتْ يَده لـِ رَغيفِ خُبز

نشِف وتكسّر في يده

أخذَ يلوك قِطعةً منه في فمِه

وعيّناه تُرقِبُ أُمة

في صمتٍ مُطبق

بَعدَ مرور بعضٍ مِنْ الوقت

يَسمع حافِلة المَدرسة بِصوتِها البَغيض

يَنهض على غيرِ رغبةٍ مِنه

فَيفتح دَفةَ الباب

تارِكاً مِنْ خلفهِ أُمة وبعضاً مِنْ ذكرياتهِ المُرة

تَسيّر الحافِلة مَعْ وعورةِ الطَريق

يتَأرجَح بيّن مقاعِدها المُتهالِكة

وهوَ يلزَم الصمتْ

لا يلتَفِتْ على أحد

إلى أنْ وَقَفَتْ الحافِلة أمام المَدرسة

يَستديّر بِوجهه نحوَ الباب

وَينهض مَع بقيّةِ زُملاءه

بعدَ ثوانٍ قَليلة

يدُق الجَرس إذاناً بِبدء مُسَلسل الحِصص

التي يعلوها الروتيّن

ويَتَطاير مِنها غُبار التَلقيّن

وأُستاذه مُمسكٍ بيدهِ عصا غَليظة

تَقع على مَنْ يُخالِفَ أمره

أو يشرُدَ بِذهنه

الخوفُ يملأ الوجوه

وَمِنْ ضمنهم هوَ

الذي كتَبَ واجبه على دَفترٍ بليَتْ أوراقه

وذوتْ مَعالِم غِلافه

فِي تُلك الغُرفة

التي أُطلقَ عليها فَصل

فَصلتْ جَسَده

عنْ رَوحه

كئيّبة الطِلاء

مُعتِمة كما أيامه

تَشقُقات الزَمنْ تُشير إلى اِنتهاءِ تَعليّمه

ما لبِثَ إلا وأن أُطلِق صوت الجَرس

وَقد أحدثَ ضَجيجاً مُرعباً فِي أنحاء جَسده

حملَ كُتبه

وعنائه اليومي على كَتِفه

حتى رَكِبَ في الحافِلة


اِنطلقت في نَفس الطريق

مروراً بنفس التضاريس

وفجأة توقفت

أخذَ الكُل يتسأل ما ذا حَدث !!

فإذا بِأحد الإطارات قد اِنتهى مِنْ عالم الدوران

صَلبتْ أجسادَهُم الشمس

وهُم بانتِظار سيارة تَمُر

وبعدَما وَقتٍ طَويل

إذا بِسيارة قَادِمة مِنْ بَعيد

أخذوا ينتظرون علّها تَحمِلهم مَعها

وبَعدَ وصولها إليّهم

استَوقفها سائقها

وَحملهمْ في حَوضِها

وبيّنما هُم يركَبون

تفاجئوا بِجُثة تَفترش السيّارة

مُغطاةٌ بالكامِل

أخذوا بالإنزواء بَعيداً عنْ هذا المرأى القلِق

بدأ دوران مُحرك السيارة

اِنتهى الموقف

مِنْ جَميع الأطفال

إلا هوَ!!

أخذَ ينظُر لِتلكَ الجُثة

وهوَ مُتعب

بِقلبٍ تملأهُ الجِراح

بِنفسٍ حَزينة

اِمتَدت براءته حتى تَكشف الغِطاء

فظهرَ شيئاً أصابه بالذهول

وحبسَ الدمَ في وجهه

بِلا نفس

بلا حركة

وعيناهُ تغرقان دمعاً

مودعاً آخر أمل لهُ في هذهِ الحياة

مودعاً أُمه